وصايا
لطالب العلم
قال
الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
“أصل
العلم خشية الله تعالى”. فالزم خشية الله في السر والعلن، فإن خير البرية من يخشى
الله تعالى، وما يخشاه إلا عالم، إذن فخير البرية هو العالم، ولا يغب عن بالك أن
العالم لا يعد عالماً إلا إذا كان عاملاً، ولا يعمل العالم بعلمه إلا إذا لزمته
خشية الله.
وأسند
الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى بسند فيه لطيفة إسنادية برواية آباء تسعة، فقال[1]:
أخبرنا أبو الفرج عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان
بن الأسود بن سفيان بن زيد بن أكينة ابن عبد الله التميمي من حفظه؛ قال: سمعت أبي
يقول: سمعت أبى يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي
يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول:
“هتف
العلم بالعمل، فإن أجابه، وإلا ارتحل” ا هـ.
وهذا
اللفظ بنحوه مروي عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى.
وقد
كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطى المتوفى في 17/12/1393هـ رحمه الله تعالى متقللاً
من الدنيا، وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية، وقد شافهني بقوله:
“لقد
جئت من البلاد – شنقيط – ومعي كنز قل أن يوجد عند أحد، وهو
(القناعة)، ولو أردت المناصب، لعرفت الطريق إليها، ولكني لا أوثر الدنيا على
الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية”.
التحلي
برونق العلم:
التحلي
بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع،
والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها.
وعن
ابن سيرين رحمه الله تعالى قال:
“كانوا
يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم”.
“يجب
على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث،
والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح
والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد
الأدب وطريقة العلم، فأما متصلة وفاحشة وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر،
فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة” اهـ.
وقد
قيل:”من أكثر من شيء، عرف به”.
فتجنب
هاتيك السقطات في مجالستك ومحادثتك.
وبعض
من يجهل يظن أن التبسط في هذا أريحية.
وعن
الأحنف بن قيس قال:
“جنبوا
مجالسنا ذكر النساء والطعام، إني أبغض الرجل يكون وصافاً لفرجه وبطنه”.[2]
وفي
كتاب المحدث الملهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في القضاء:
“ومن
تزين بما ليس فيه، شانه الله”.
وانظر
شرحه لابن القيم رحمه الله تعالى[3].
تحل
بالمروءة[4]:
التحلي
بـ (المروءة)، وما يحمل إليها، من مكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام،
وتحمل الناس، والأنفة من غير كبرياء، والعزة في غير جبروت، والشهامة في غير عصبية،
والحمية في غير جاهلية. وعليه فتنكب
(خوارم المروءة)، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة، أو خلة رديئة، كالعجب،
والرياء، والبطر، والخيلاء، واحتقار الآخرين، وغشيان مواطن الريب.
التمتع
بخصال الرجولة:
تمتع
بخصال الرجولة، من الشجاعة، وشدة البأس في الحق، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل
المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال.
وعليه،
فاحذر نواقضها، من ضعف الجأش، وقلة الصبر، وضعف المكارم، فإنها تهضم العلم، وتقطع
اللسان عن قوله الحق، وتأخذ بناصيته إلى خصومة في حالة تلفح بسمومها في وجوه
الصالحين من عباده.